السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
********************************
اشتهر الحجاج بن يوسف الثقفي كواحد من أشهر الولاة على العراق في العصر الأموي وقد أحضر له رجال الشرطة في إحدى الليالي ثلاثة شباب من السكارى ، فنظر الحجاج الى هؤلاء الشباب فوجدهم يختلفون عمن سبقهم من العصاة والسكارى، إذ أنهم كانوا ذوي لباس أنيق حسن وتبدو عليهم أثار العز والكرم والأصل الطيب والنعمة والأدب.
فقال الحجاج للشاب السكران الأول : من أنت؟ وابن من أنت؟ فقال هذا الشاب:
أنا ابن من دانت الرقاب له
ما بين مخزومها وهاشمها
تأتيه بالرغم وهي صاغرة
ياخذ من مالها ومن دمها
فقال الحجاج للشرطة : أتركوه حتى الصباح فلربما ان يكون أحد أقارب الخليفة.
وقال الحجاج للسكران الثاني:من انت ؟ ومن أبوك، فأجاب:
أنا ابن الذي لا تنزل النار قدره
وان نزلت يوما فسوف تعود
ترى الناس أفواجا الى ضوء ناره
فمنهم وقوف حولها وقعود
فقال الحجاج لرجال الحرس، أتركوه حتى الصباح فلربما يكون من اقارب حاتم الطائي أشهر كرماء العرب الاقدمين. ثم نادى الحجاج على السكران الثالث وسأله نفس السؤال : من أنت ومن أبوك؟ فاجاب:
أنا ابن الذي خاض الصفوف بسيفه
وعالجها بالحزم حتى استحلت
يروح ويغدو ناشرا لعجاجها
وان ما بدا خلف الصفوف تولت
فقال الحجاج للشرطة: اتركوه هؤلاء الثلاثة ، ثم أحضروهم لي في الصباح لنرى ما في أمرهم. وفي الصباح صحا السكارى وعاد إليهم رشدهم، ولما مثلوا أمام الحجاج قال للأول فسر يا أيها القائل أنا ابن من انت الرقاب له. من أنت؟ .. فقال ان أبي حلاق. فعلا الحلاق يأخذ من مال الناس ومن دمهم. أما السكران الثاني فقال : ان أبي صاحب مطبخ ومطعم، وفعلا الناس حوله قيام وقعود. أما الثالث فقال (أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه) فإن ابي صاحب محل للغزل والنسيج، يرتب خيوط القطن ويصففها وينظمها.
بعد ان استمع الحجاج الى قصتهم ونسبهم، ضحك ضحكة عالية وعرف ان هؤلاء الشباب قد أنقذهم أدبهم من القتل، فنظر الى الحراس وقال لهم :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا
يغنيك محموده عن النسب
ان الفتى من يقول ها أنا ذا
ليس الفتى من يقول كان ابي